للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعلم أن الكِبْر بَطر الخقّ وغَمْطُ الناس، كذا قال - صلى الله عليه وسلم - (١٠٢)، ثم يَحْسُنُ على أعداء الله إذا كان لله. ومعتى بطرْ الحق رَدُّه على قائله، وغمْطُ الناس احتقارهم. ويقوّي ما قلناه قولُهُ تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}. (١٠٣).

والكِبْرُ من الكبائر. يكفي في الدليل على ذلك قوله عليه السلام: "لا يدخل الجنةَ كن في قلبه مثقال ذَرّةٍ من كِبْر" (١٠٣ م).


(١٠٢) ونصّ هذا الحديث بتمامه: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخل الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال ذَرة من كِبْر، فقال رجل: إن الرجل يحبُّ أن يكون ثوبُه حسَنا، ونعْله حسنةَ، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بَطر الحق، وغَمْط الناس" رواه الإِمامان: مسلم والترمذي، رحمهما الله.
فالله سبحانه مُتَّصِف بكل كال، ومنزَه عن كل نقص، ويحبُّ أن يرَى أثر نعمته على عبده كما جاء به الحديث. وعن حارثة بنِ وهب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ألا أخبركم بأهل الجنة، كلُّ ضعيف متضاعِف، لو أقسم على الله لأبره. ألا اخبركم بأهل النار: كل عُتُل، جَوَّاظ مستكبِر" رواه الشيخان والترمذي، والعُتُل هو غليظ الطبع الجافي للناس في المعاملة، والجواظ هو المناع للخير، المختال والمستكبر. وفي القرآن الكريم من وصايا لقمان ابنه: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [سورة لقمان الآية ١٨].
(١٠٣) وأولها قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤)} سورة المائدة. الآية ٥٤.
(١٠٣ م) عن عبد الله (بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يدخل النارَ احدٌ في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان، ولا يدخل الجنة احد، في قلبه مثقال حبة خردل من كبرياءَ". وعنه أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذَرة مِن كِبْر، قال رجل: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعْلة حَسَناً، قال: ان الله جميل يحب الجمال. الكِبْرُ بطرُ الحق وغَمْطُ الناس" الإِمام مسلم رحمه الله.
فَحُسْنُ اللباس تجَمّلٌ، والله يحب المتجملين. وَالكبر انكار الحق، واحتقار الناس، وهو ما لا يرضاه الله لاحد بن امة الاسلام، فان من تواضحَ لله رفعه، وقد جاَءت كلمة خردل (أي أصغَر شيء مثل الذّرة) في قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}، سورة الانبياء، الآية ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>