للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الدين بالضرورة كجحد الصلاة والصوم، أو جَحْدِ أنّ الله لم يُبحْ التّين والعنب. (١١٣)

ثمّ الجهل بالله تسعة أقسام:

أحدها لم نومَر بإزالته أصْلا ولا نُواخَذُ ببقائه، لأنه لازم لنا لا يمكن الانفكاك عنه، وهو جلال الله تعالى، وإليه الاشارة بقوله عليه السلام: "لَا أحْصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك"، (١١٤) وقوْلُ الصّديق رضي الله عنه: العجْز عن دَرك الإِدراك إدراكُ. (١١٥)


(١١٣) قال ابن الشاط هنا: "ما قاله القرافي في ذلك صحيح، إلا كونَه اقتصر على اشتراط شهرة ذلك الأمر من الدين، بل لابد مع اشتهار ذلك من وصولِ ذلك إلى هذا الشخص وعلمه به، فيكون اذ ذاك مكذبا لله تعالى ولرسوله، فيكون بذلك كافراً، أما إذا لم يعلم ذلك الأمرَ وكان من معالم الدين المشهرة، فهو عاص بترك التسبب إلى علمه، ليس بكافر بذلك، والله أعلم." قال اللقاني في منظومة الجوهرة:
ومَن لمعلومٍ ضرورةً حَجَدَ ... مِن دِيننَا يُقْتَلُ كُفراً ليس حَد
وقد اختصر الشيخ البقوري في هذا الفرق كلاما طويلا للقرافي، فليرجع إليه من أراد الاطلاع عليه والتويىح فيه، ربما رأى أنه لا داعي للاتيان به في هذا الترتيب والاختصار.
(١١٤) سبق تخريج هذا الحديث في قاعدة سابقة.
(١١٥) قال الشيخ ابن الشاط رحمه الله، معقبا على ما جاء من هذا الكلام عند القرافي رحمه الله:
كلامه هذا يقتضي الجزم بأن هناك صفة زائدة على ما دلت عليه الصنعة لكننا لا نعلمها، فإن كان يريد أنا لا نعلمها لا جملة ولا تفصيلا فقد تناقضَ كلامه، إذ مَسَاقُه يقتضي الجزم بثبوتها على الجملة وإن كنا لا نعلمها على التفصيل، وإن كان يريد أنا لا نعلمها على التفصيل وإن علمناها على الجملة فقوله ذلك دعوى لا دليل عليها.
وهذا المقام مما اختلف الناس فيه، فمِنْهم من يقتضي كلامُهُ أنه لا صفة وراء ما علمناهْ، ومنهم من يقتضي أن هناك جمفاتٍ لا نعلمها، ومنهم من يقتضي كلامه الوقف في ذلك وهو الصحيح، ويترتب عن ذلك أنه لا تكليف بإزالة هذا الجهل ولا مواخذة ببقائه كما قال. والله تعالى أعلم.
ولا دليل له في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، لاحتمال أن يريد لا أستطيع المداومة والاستمرار على الثناء عليك، للقواطع عن ذلك كالنوم وشبهه، ولا في كلام الصِّدِّيق رضي الله عنه، لاحتمال أن يريد العجز عن الاطلاع على صحيح معلومات الله تعالى، اطلاع على الفرق بين الرب والمربوب، والمالك والمملوك، والخالق والمخلوق، وذلك صريح الإِيمان وصحيح الإيقان، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>