للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم السابع: الجهل بقِدَم الصفات لا بوجودها وتَعَلّقها كقول الكَراميَّة بحدوث الارادة ونحوِها، وفي التكفير أيضا بذلك قولان، الصحيحُ عدم التكفير. (١٢٢)

القسم الثامن: الجهل بما وقع أو يقع من متعلَّقات الصفات وهُوَ قسمان: أحدُهما كُفْرٌ إجماعا، وهو المراد هنا كالجهل بأن الله تعالى أراد بعثة الرسل وأرسَلَهُم لحلقه بالرسائل الربانية، وكالجهل ببعثة الخلائق يوم القيامة، وإحيائهم من قبورهم، وجزائهم على أعمالهم، على التفصيل الوارد في كتاب الله تعالى وسُنَّةِ رسولهِ، فالجهل بهذا كفْر اجماعا. (١٢٣)

القسم الثامن: الجهل بما وقع من متعَلّقات الصفات وهو تعلقها بإيجاد مالا مصلحة فيه للخلق، هل يجوز هذا على الله تعالى أم لا؟


(١٢٢) قال ابن الشاط: ما قاله القرافي في هذا القسم نقل وترجيح ولا كلام فيه.
(١٢٣) قال ابن الشاط: ما قاله القرافي في القسم الثامن صحبح أيضا، لكن فيه اطلاق لفظ الجهل على المذهب الباطل، فإن الفلاسفة، مذهبهم الجزم بأن لا بعثة للاجسام.
قلت: وتلك إحدى المسائل الثلاثة التي ينكرها الفلاسفة غير المسلمين فيما ينكرونه من المسائل الاعتقادية الغيبية، اعتمادا على عقولهم البشرية القاصرة، ويؤدي إنكارها إلى الكفر، والعياذ بالله. وقد نظمها بعضهم فقال:
بثلاثةٍ كَفَرَ الفلاسفةُ العِدَى ... إذْ أنكروها، وهي -حقاً- مُثْبَتَةٌ
عِلم بِجُزئيْ، حدوثُ عوالم ... حَشْرٌ لأجسادٍ وكانت ميتة.
فالعقيدة الإسلامية الحق، التي عليها أهل السنة والجماعة وسائر الأمة الإسلامية، أن الله سبحانه وتعالى أحاط علمه بكل شيء وأحصى كل شيء عددا، وأنه سبحانه، يعلم الجزئيات كما يعلم كليات الأمور، فهو عالم الغيب والشهادة لا يعزب عنه مثقالُ ذَرة في السموات ولا في الأرض، وأن العالَم حادث مخلوق، فقد كان الله سبحانه في الوجود ولا شيء معهْ، وهو القائل سبحانه في كثير من آيات القرآن الكرم {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}. وهو القائل: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}. والخلق يقتضي الايجاد من الحَدَم. وأن الله تعالى يبعث الناس يوم القيامة بأرواحهم وأجسامهم، مصداقا لقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} وقوله سبحانه رداً على من ينكِرُ إحياء العظام وهِيَ رميم. قل: {يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>