وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعود بعض أهله، يمسح بيده اليمنى (أي على المريض لتناله بركتها)، ويقول: اللهم ربَّ الناس، أذهِب البأس، واشفِ، أنت الشافي، لا شفاءَ إلا شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سقما. رواه الشيخان: البخاري ومسلم، رحمهما الله. وعنها أيضا قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مرِض أحد من أهله. نَفَثَ بالمعوذات". رواه الائمة: الشيخان وأبو داود رحمهم الله. وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعَوذُ من الجانِ وعيْنِ الانسان حتى نزلت المعوذتان (أي سورة قل أعوذ برب الفلق)، وسورة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}." فلما نزلتا أخذَ بهما وترك ما سواهما. رواه الامام الترمذي رحمه الله بسند حسن. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعَوذ الحسَن والحسين، يقول: أعُوذُ كما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامًة، ومن كل عين لامَّة، ثم يقول: كان أبوكم (إبراهيم يعوذ بهما ابنيه: اسماعيلَ وإسحاق عليهم السلام" رواه أبو داود والترمذي بسند حسن. والْهَامَّةُ هي كل ذات سُم من الحيوان. والعينُ الامَّة هي كل عين ذاتِ لَمم وذَنْب بحَسَدِها، والعياذ بالله من ذلك. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ على المريض المعوذتين، ويأذن بقرآتهما وبقرآة الفاتحة، وينفخُ على المريض بقليل من ريقه الشريف، ويمُرُّ بيده اليمني المباركة على المريض، رجآء البركة والاستشفاء بالقرآن العظيم كلام رب العالمين، الحق المبين، الذي جعله شفاءً ورحمة لعباده المومنين، مصداقا لقوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، فهو شفاء للأبدان من الأسقام كما هو شفاء للصدور والنفوس والقلوب من الذنوب والآثام، وهادٍ لها إلى التي هي أقوم. الايمان واليقين وصالح الاعمال، والطاعة بها لله رب العالمين. (١٤١) الفعل عثا بالتاء المثلثة مثلث الاستعمال: يقال فيه: عَثَا يعْثو، كدعا يدعو، وعثى يعثي كقضى يقضى، وعثى يعثي، كفَنِيَ يَفْت مع، بمعنى بالغ في الكفر والكِبْر والفساد. ومن الصيغة الاخيرة قول الله تعالى في أصحاب لَيْكةَ: قوم شعيب عليه السلام. {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} سورة الشعراء، الآيات: ١٨٤ - ١٨١. ويقال: عتا يعتو، وعتِي يَعتى بالتَّاء المَثَنَّاة، عُتُوا وعُتيا، ومنه قول الله تعالى. =