للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شهاب الدين: وها هنا اربع مسائل:

المسألة الاولى. قال الامام فخر الدين في كتاب الملخص. السحر والعين لا يكونان في فاضلٍ، لأن من شروط السحر الجزَم بصدور الأثر، وكذلك اكثر الاعمال من شرطها الجزم، والفاضل الممتلئ علما يرى وقوع ذلك في الممكنات التي يجوز أن توجد وأن لا توجد، فلا يصح له عمل أصْلا.

وأمَّا العيْنُ فلابد فيها من شرط التعظيم للمرْمي. والنفس الفاضلة لا تصل في تعظيم ما تَراه إلى هذه الغاية، فلذلك لا يصح السحر إلا من العجائز والتركمان والسودان، ويجوز ذلك من أرباب النفوس الجاهلة. (١٤٤)

المسألة الثانية السحر، له حقيقة، وقد يموت المسحور أو يتغير طبعه وإن لم يباشره، وقاله الشافعي وابن حنبل، وقالت الحنفية: إن وصل إلى بدنه كالدُّخان ونحوه جاز أن يؤثر وإلا فلا، وقالت القدَرية: لا حقيقة للسحر، وهذا لا يصح، فإن ما لا حقيقة له لا يؤثر. وقد سُحِر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (١٤٥) وقد سحَرتْ عائشة رضي الله عنها جارية اشترتها، وأطبقت الصحابة على صحة ذلك.


(١٤٤) قال ابن الشاط عن هذه المسألة الأولى: لا كلام معه (أي مع القرافي) في ذلك، لأنه نقل، وما قاله الفخر يتوقف على الاختبار والتجربة، ولا يُعلَمُ صحة ذلك من سُقْمه.
(١٤٥) عن عائشَة رضي الله عنها قالت: "سَحَرَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يهودي من يهود بني زُريق يقال له لَبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيَّلُ إليه أنه يَفعل الشيءَ وما يفعله ... ، وكان قد سُحِرَ في مُشْطٍ ومُشاطة وجُفِّ طلعَةِ ذكر، ورُمىَ بذلك في بئر ذي أروان، فأخبِرَ - صلى الله عليه وسلم - بذلك عن طريق الوحى والْإلهام، فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ناس من أصحابه، فأخرَجَ ما فيها من تلك الأشياءِ التي سُحِرَ بها، وأمرَ بها فدُفِنَت)، . رواه الشيخان. انتهى بتصرف واختصار. وانظر الحديث بتمامه في أحد الصحيحين، قال بعض العلماء: جمهور الأمة على أن السحر ثابت، وله حقيقة كغيره من الأشياء، وحَسْبُنَا فيه القرآن والحديثُ الصحيح. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>