ولا يُقبل منه الاسلام، وإن سحر أهل ملته أدّب، إلا أن يقتُلَ أَحداً فيقتل به، وقال سحنون: يُقتل، إلا أن يسلم، وهو خلاف قول مالك. (١٤٨)
ويؤدَّبَ من تردد إلى السَحرة إذا لم يباشر سحْراً ولا عَمله، لأنه لم يكفر ولكن ركنَ للكفَرة. قال: وتعلّمه وتعليمه عند مالك كُفْرٌ. وقال الحنفية: إن اعتقد أن الشياطين تفعل به ما يشاء فهو كافر، وإن إعتقد أنه تخيُّلٌ وتمويه لم يكفر. وقال الشافعية: يصفه، فإن وجدنا ما فيه كفراً كالتقرب للكواكب ويعتقد أنها تفعل ما يُلتمَسُ منها فهو كفر، وان لم نجد فيه كفراً، فان إعتقد إباحته فهو كفر، قال الطرطوشي: وهذا متفق عليه، لأن القرآن نطق بتحريمه.
واحتجّ من لا يقول بأن تعلمه كفر أن تعلم الكفر ليس بكفر، فإن الأصولي يتعلم جميع أنواع الكفر ليحذر منه ويقدح في شبهاته ومآخذه، فالسحر أوْلى أن لا يكون كفْراً.
قال شهاب الدين: هذه المسألة في غاية الإِشكال على أصولنا، فإن السحرة يعتمدون أشياء تأبى قواعد الشريعة أن. تكفرهم بها كفعل الحجارة المتقدم ذكرها قبل هذه المسألة، وكذلك يجمعون عقاقير ويجعلونها في الأَنهار والآبار، أو في قبور الموتى أو في باب يفتح إلى المشرق، ويعتقدون أن تلك الآثار تَحدُث عند تلك الامور بخواص نفوسهم التي طبعها الله تعالى على الربط بينها وبين تلك الآثار عند صدق العزم، فلا يمكن تكفيرهم بجمع العقاقير ولا بوضعها في الآبار ولا باعتقادهم حصول تلك الآثار عند ذلك الفعل، لأنهم جربوا ذلك فوجدوه لا ينخرم عليهم لأجل خواصّ نفوسهم، فصار ذلك الاعتقاد كاعتقاد
(١٤٨) قال ابن الشاط هنا: ذلك كله نقْل لا كلام فيه. وإضرارْ الذمي بسحره للمسلم يُعْتبَرُ نقضا لعهده الذي أُخذَ عليهِ ألا يضر بأحدٍ من المسلمين، مقابلَ استئمانه من طرف الدولة المسلمة على نفسه وأمواله، وشؤون حياته التي لا يصل منها ضرر للمسلمين، ولا يكون فيها مساس بمعتقداتهم الدينية ولا نيْلٌ من أحكامهم الشرعية وأخلاقهم الاسلامية.