للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون المشتري أو زُحَلٍ يوجب شقاوة أو سعادة فإنما هو حَزْرٌ وتخمين للمنجّمين لا حجة في ذلك (١٥٥). وقد عُبِدت البقر والشجرُ، فصار هذا الشيء مشترَكا بين الكواكب وغيرها. (١٥٦)

والذي لا مِرْيةَ فيه أنه كفر إن اعتقد أنها مستقلة بنفسها لا تحتاج إلى الله تعالى، فهذا مذهبُ الصابِئَةِ، وهو كفْرٌ صراح، لا سيما إن صرح بنفي ما عداها. (١٥٧)

وأما قول الأصحاب: إنه علامة الكفر فمشكل، لأنا نتكلم في هذه المسألة باعتبار الفتيا، ونحن نعلم أن حال الانسان في تصديقه لله تعالى ورسله بعد عمل هذه العقاقير كحاله قبل ذلك. (١٥٨)

وإذا أرادوا الخاتمة فمشكل، لأنا لا نكَفر في الحال بكفرٍ واقع في المَآل (١٥٩). والذي يستقيم في هذه المسألة ما حكاهُ الطرطوشي عن قدماء أصحابنا أنا لا نكفره حتى يَثْبُتَ أنه من السحر الذي كفَّر اللهُ به، أوْ يكونَ


(١٥٥) قال ابن الشاط: ذلك صحيح.
(١٥٦) زاد القرافي هنا عبارة هي قوله: فهو موضع نظَر، وعلق عليه ابن الشاط بقوله: هو كما قال، موضحُ نظر ..
(١٥٧) قال ابن الشاط: ما قاله القرافي في ذلك صحيح.
(١٥٨) زاد القرافي هنا قوله: والشرع لا يخبر على خِلاف الواقع.
وعلق ابن الشاط على هذه الفقرة عند القرافي بقوله: إذا ثبت دليل شرعي على أن السحر كفر، وأنه علامة الكفر فلا إشكال، لأنه يكون حينئذ من شرط المومن ألا يعمل سحرا، وعند ذلك يصح إيمانُهُ امَا ظاهراً وباطناً إن كان السحر بنفسه كفراً، وإما ظاهرا إن كان علامةَ الكفر بحسب الظاهر.
(١٥٩) زاد القرافي هنا كلاما توضيحيا اختصره البقوري، وينبني عليه تعليق ابن الشاط، فقال: "كما أنا لا نجعلُهُ مومنا في الحال بإيمان واقع في المآل، وهو يعبُدُ الاصنام الآن، بل الأحكام الشرعية تتبع أسبابها وتحققاتِها لا توَقعَهَا وان قطعْنا بوقوعها، كما أنا لا نقْطَع بغروب الشمس وغير ذلك، ولا نُرَتبُ مسبباتها قبلَهَا.
ثم قال القرافي: وأما قول أصحابنا في التردد إلى الكنائس وفي أكل الخنزير وغيره، فإنما قضينا بكفره (أي المتردد إليها وآكل الخنزير) في القضاء لا في الفتيا، فقد يكون فيما بينه وبين الله مومنا. فالذي يستقيم في هذه المسألة ما حكاه الطرطوشي عن قدماء أصحابنا أنا لا نكَفّره ... )، إلى آخر ما قاله القرافي وذكره البقوري في هذه الفقرة.
وقد علق العلامة المحقق ابن الشاط على الفقرة الأولى من هذا الكلام بقوله: إنْ أرادوا ذلك فمشكل كما قاله، وذلك صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>