(١٧٥) عَقّب الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذه المسألة الاولى من أولها إلى آخرها فقال: قد تقدم أن الورع لا يحصل باعتبار اختلاف المذاهب، للزوم المذهب للمجتهد والمقلِّد جميعا، لا سِيَمَا عند اختلافهما بالايجاب والتحريم، إذْ يتعيَّنُ الفعل في الاول، والترك في الثاني. وأما في الايجاب والندب والتحليل، أو في التحريم والكراهة فقد يتوهم صحة ذلك من يقول: إن الثلاثة الأولى مُشْتركِة في جواز الفعل، والاثنان مشتركِان في رجحان الترك، لكنه فيح من صحة ذلك لزومُ عمل المجهد ومقلِّده على حسب مقتضَى اجتهاد المجتهد، إلا أن يقول قائل في المقلد: إنه يسوغ له تقليد أحد القائلين بالوجوب والندْب مثلا لا بعينه، ويفْعَل الفعْل لا بنيَّة التفويض، لكن لا أعرفه لأحد، ولا أعرف له وجهاً، وما وجه الشهابُ به، بناءً على أن التناقض والتضادَّ إنما يتحققان بشرط اتحاد المحل والمتحفق والإضافة، لا يصح له، وإن كان اشتراط تلك الشروط في التناقض والتضاد صحيحا، لأنه يلزم المجتهدَ ومقَلِّدَه موافقة اجتهادِهِ في عمله واعتقاده، ويحْرُمُ عليه وعلى مقلده مخالفتُهُ، فظهر أن القول الصحيح هو قول منازعي الشهاب في ذلك، واللهُ تعالى أعلم. قلت: وَمَا انتهى اليه ابن الشاط في ختام تعقيبه هذا هو ما نجد مضمونه وخلاصته في تعقيب الشيخ البقوري في نهاية كلام القرافي على هذه المسألة الأولى. فرحم الله الجميع. وأثابهم الثواب الجزيل.