وقد علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذا الفرق فقال: ما قاله فيه صحيح، ما عدَا قولَه: "والرضى بالكفر كفْرٌ"، فإنه إنْ أرادء علمه بكفره فذلك لا يتأتى إلَّا مِنْ الكافر عِنادا، على القول بجواز ذلك عادة، وأما على القول بامتناع ذلك عادة فلا، وما عدا قولَه: "فمن قُضيَ عليه بالمعصية أو الكفر فالواجبُ عليه أن يلاحِظ جهة المعصية والكفر فيكرههما، وأما قدَرُ الله تعالى فيهما فالرضى به ليس إلَّا، ومتَى سخِطه وسفَّه الربوبية في ذلك كان ذلك معصية أو كُفراً منضَمّا إلى معصيته كفره على حسب حاله في ذلك، فتأمل هذه الفروق". فإن كراهة الكفر - يقول ابن الشاط، لا يتأزَّى إلاء الكفر عنادا، على أن ذلك من البعيد المشبَّه بالمحال، لأنه لا كفر عنادا إلا لحامل يحمله عليه ويرجحه عنده كالمتناقضين. وأما كراهية المعصية فهي ممكنة، لأن كل عاص، عالمٌ بعصيانه، والله أعلم". (١٨٥) عبارة القرافي هنا: "وأما أنَّا أُمرْنا بأن تطيب لنا البلايا والرزايا ومؤلمات الحوادث فليس كذلك، ولم تَرِدْ الشريعة بتكليف أحد بما ليس في طبعه، فلم يومَر الأرمدُ باستطابة الرمَد المؤلم ولا غيره من المرض (والرمَد مرض يصيب العين)، بل ذَمَّ الله قوما لا يتألمون ولا يجدون لِلْبَأسَاءِ وقعا، فذمَّهم بقوله تعالى في شأن الكافرين المكذبين بيوم الدين، المتنكبين عن الصراط المستقيم: "ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون". سورة المومنون الآية ٧٦. فمن لم يستكن ويَدلّ للمؤلمات، ويُظْهرْ الجزعَ منها، ويسألْ ربَّه إقالة العثْرة منها فهو جبار عنيد، بعيد عن طرق الخير، فالمقضِيُّ والقدورُ أثر القضاء والقدر، فالواجبُ هو الرضَى بالقضاء فقط".