للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرج الذي عليه افعَلْ، فيمتَثِل، أو لا تفعل، فيفعل على كراهية أو يترك، (٢١٣) فمثله مَنْ أخَذَ الفال في المصحف، وما حهي في ذلك خلافا، وهذا هو المتردِّد بين الخير والشر، والأول يتعين للخير، فالاْول يبعث على حسن الظن بالله، والثاني بصَدَد اْن يكتسب سوء الظن بالله.

والطِيَرة والتطير مكروهان: (٢١٤)

أما الطِيَرة فلأنها من باب سوء الظن بالله. ثمّ المتَطيِّرُ هذا لا يكاد يَسْلمُ مما يتطير منه إذا فعله، وغيرُهُ لا يصيبه شيء من ذلك، وهذا لأنه أساء الظن بالله، وغيرُهُ لم يكن له ذلك. وقال الله تعالى (أيْ في الحديث القدْسي): "أنا عند ظن عبدي بي فليظُنَّ بي ما شاء"، وفي بعض الطرق: فلْيظُنَّ بي خيرا. (٢١٥)

ثم ان هذا المَقام يحتاج إلى تفريق فيقال:

إذا ظن ذلك لغير سَبب يقتضيه عادة فحينئذ يكون الامر كذلك، وإلَّا فَمَنْ خاف مما جرت العادة بأنه مُؤذٍ كالسموم والسباع والولاء ومعاداة الناس، وما هو من هذا النوع لا يكون حراما، لأنه خوْف من سبب محقَّقٍ في مجرى العادة. وقد نقل صاحب القبس عن بعض العلماء أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا عَدْوى" ليْس


(٢١٣) هذا معنى الأزلام كما ذكر المؤلف، والتي هي عبارة عن أعواد تُكتَبُ عليها تلك الكلماتُ للتفاؤل أو التشاؤم والتطير فها. والاستقسام معناه طلب القَسْم، أي طلب ظهور ما فيه الخير فيتبعه المستقسِمُ، أو ما فيه الشر فيتركه، على زَعْم أهل الجاهلية قبل الاسلامِ. والاستقسامُ
كالأزلام، والنهيُ عنه، ورَدَ ذكره في قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}. سورة المائدة. الآيات: ٩٠، ٩١، ٩٢.
(٢١٤) هذه الفقرة هي بداية الكلام عند الفراق على الفرق السادس والستين والمائتين بين قاعدة التطيُّر وقاعدة الطِيَرة، وما يَحْرمُ منهما وما لا يَحْرُم". جـ ٤. ص ٢٣٨. ولم يعلق عليه بشيء، الشيخ ابن الشاط رحمه الله.
(٢١٥) أيْ في الحديث القدسي الذي يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتحدث فيه عن ربه، أن الله تعالى يقول: "أنا عند ظن عبدي بي"، رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه. وعنه أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: "حُسْن الظن من حسن العبادة". رواه أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>