وعنه ايضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا عدوى ولا صفرَ ولا هامةَ، فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بالُ الابل تكون في الرمل كأنها الظاء (أي الغزلانَ في سلامتها وخفة حركتها)، فيخالطها البعير الأجرب فيجربها كلها، قال - صلى الله عليه وسلم -: فَمَنْ أعدَى الأول؟ (أي من أنزل به ما نزل، ومن أصابه بما أصيب به من الجرب؟ ، فاراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينبه الاعرابي إلى أن ذلك قدَرٌ من الله، وانَّهُ لا يقعُ ولا يكون في مُلْكِه إلا ما أراده الله سبحانه. والمراد بالعدوى: مريان المرض من المريض، وانتقالُه منه إلى غيره. والهامة طائر من الطيور او طائر البُوم، إذا سقط في مكان أو سُمِع صوته تشاءم منه أهل ذلك المكان، أو غير ذلك من الدواب تصيح فيتشَآمُ الناس منها. وصفر، وراد به شهر صفر، حيث كادْ أهل الجاهلية يُحفونه عاما، (فيبيحُون فيه القتال بينهم، ويحرمونه عاما، أي يعتبرونه أحد الاشهر الحرم الاربعة، فيجعلونه في محل رجب أو غيرها، فيحرمون فيه القتال ويمنعونه بينهم، فنفى - صلى الله عليه وسلم - تلك الاعتقادات الفاسدةَ، وأرشدَ الناسَ ودعاهم إلى حسن الظن بالله وإلى التوكل والاعتماد عليه سبحانه، وهو المدبّر للأمور، والمصَرِّف للأحوال، ولا تعارضَ بين هده الاحاديث، فلكل فها معنى توجيهٌ يجْعَلُهُ يلتقِي مع الآخر، فنَفْىُ العدوى يعنى أن المرض لا يُعْدِى بطبعه، وإنما يعدي بأمر الله وقدره، والأمر بالفِرارِ من المريض مَرَضاً قد يتأذى منهُ الانسان، يعني الارشاد إلى الاحتياط، مع التوكل على الله والتحصن به سبحانه، فهو الحافظ اللطيف الخبيرُ. والفاعل لما يريد ويختار. (٢١٧) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا عَدْوَى ولا طِيرَة، إنما الشؤمُ في ثلاث: في الفَرَس، والمرأة والدَّار" متفق عليه بين البخاري ومسلم. وأخرجه كذلك أبو داود والترمذي، رحمهم الله جميعا.