للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنينُ برواية النصب. والتقدير عندهم: ذكاة الجنين أن يُذَكَّى ذكاةً مِثْلَ ذكاةِ أمّه، ويسقُطُ ما قالُوه بإبدآءِ احتمالِ آخر، وهو أن يقال: "بَلْ التقدير" (١٠٥) ذكاة الجنين داخلة في ذكاة أمه فحُذِفَ حرف الجر، فانتصبَ الذكاةُ على إنه مفعول، كقولنا: دَخلتُ الدار، ويكون المحذوف أقَلَّ مِمَّا قدَّرهُ الحنفي، ويكون في هذا التقديرِ جمْعٌ (١٠٦) بين الروايتيْن.

المسألة الثالثة:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشفعةُ فيما لم يُقسَم" (١٠٧)، يقتضي حصر الشفعة في الذي هو قابلٌ اللقسمة ولمْ يُقسَم بعْدُ. والخبرُ - هاهنا - ليس معرفةً، بلْ مجرورٌ، وتقدير الخبر؛ الشفعة مُستحَقَّة فيما لم يُقسَمْ.

وكذلك، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنيات" (١٠٨) أيْ، الأعمالُ معتبرة بالنياتِ، فالعملُ بغير نية لا يُعتبَر شَرْعا.

قلت: فإذَنْ، الحصرُ ليس خاصًا بالمعرفة، قد يكون مع المعرفة ومع النكرة مِثْل ما في هذه المسألة.

قلت: والظاهرُ أنه لا حصر في قوله: الشفعة فيما لم يُقْسَم، لأنه لو قَدَّرنا بعدَ هذا القول: الشفعة فيما قسم، الشفعة فيما لا يقبل القسمة، لمَا ناقض الكلام الأولَ ولا الجمع. يخلاف ما إذا قلنا: الأعمال معتبرة بالنيات، والأعمال معتبرة بغر نية، كان في الكلام تنافُرٌ، والله أعلم.


(١٠٥) "بل التقدير" ناقص في نسخة الخزانة الحسنية: خ. ح.
(١٠٦) في ن ح: "ويكون هذا التقديرُ جَمَعَ بين الروايتين: رواية الرفع، ورواية النصب (ايْ بصيغة الفعل الماضى جمعَ، فيتحد المعنى في كلتا النسختين.
(١٠٧) اخرجه الإمام البخاري رحمه الله عن جابر رضى الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة فيما لم يُقْسَم.
(١٠٨) حديث صحيح مشهور اخرجه ائمة الحديث عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله وعن سائر الصحابة أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>