للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعيفا جدا يُنفَض قضاءُ القاضي بمثله، لبطلانه في الشرْع، كوطء الجارية بالِإباحة، معتقِداً لِمَذْهب عطاء (٢٥٩).

المسألة الخامسة: المندوبات والمكروهات يدخلها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على سبيل الارشاد للورع ولِما هو أوْلى، من غير تعنيف ولا توبيخ، بل يكون ذلك من باب التعاون على البِّرِ والتقوى (٢٦٠).

المسألة السادسة: قولُنَا في شروط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر: ما لَمْ يُؤدّ إلى مفسدة هي أعظم، هذِه المفسدة قسمان:

تارة تكون إذا نَهَاهُ عن منكَر، فَعَلَ ما هو أعظَمُ منه في غير الناهى، وتارة بفعله في الناهى، بأن ينهاه عن الزنى فيقتله، أعْني، الناهي يقتله الملابس للمنكَر.

والقسم الأول اتفق الناس عليه، وأنه يحرم النهي عنه حينئذ. والقسم الثاني اختلفوا فيه، فمنهم من سَوَّى بينهما، ومنهُمْ من فَرَّق وقال: هذا لا يمنع، والتغرير بالنفوس مشروع في طاعة الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الجهاد كلمةُ حق عند سلطان جائر" (٢٦١)، ومعلوم أنه عرّض نفسه للقتل بمجرد هذه الكلمة.


(٢٥٩) زاد القرافي قوله: "وكشارب النبيذ معتقِدا مذهبَ أبي حنيفة. وإن لم يكن معتقدا تحريما ولا تحليلا، والمدارك في التحريم والتحليل متقاربة، أُرْشِدَ للتَّرْك برفق من غير إنكار وتوبيخ، لأنه من باب الورع المندوب، والامر بالمندوبات، والنهْي عن المنكرات هكذا، شأنهما الإرشادُ من غير توبيخ ولا إيلَامٍ بالتقريع والتأنيب، وإنما هو الحكمة الحسنة والموعظة الحسنةَ المؤثرة.
وقد تقدم في الفرق الثالث والعشرين والمائتين عند القرافي، وجاء فيه أن الحكم الذي يُنقَضُ لفسَاد المدْرَك (أي العلة) التي انبنى عليها) لا لعدم الولاية فيه، هو الحكم الذي خالف أحد أربعة أمور: إذا حكم القاضي على خلاف الإجماع يُنقَضُ قضاؤه، أو خلافِ النص السالم عن المعارض، أو القياس الجَلِيّ السالم عن المُعارِض، أو قاعدة من القواعد السالمة عن المعارض ... إلخ.
(٢٦٠) وهو شيء مأمور به في قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} سورة المائدة، الآية (٢)، وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: المومن للمومن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وقوله: الله في عون العبد مادام العبدُ في عون أخيه.
(٢٦١) أخرجه أصحاب السنن: أبو داود، والترمذي والنسائي وابن ماجة رحمهم الله. وعن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>