للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: قال بعض العلماء: لا يشترط في النهي عن المنكَرِ أن يكون ملابِساً معصيةً، بل يُشتَرَطُ أن يكون ملابِسا لمفسدة واجبة الدفع، أو تاركا لمصلحةٍ واجبة الحصول، وله أمثلة:

أحدُهَا: أمْرُ الجاهلِ بمعروف لا يعرفه، ونهْيُهُ عن منكر لا يعرف أنه منكر كنهْي الانبياء عليهم السلام أمَمَهُم أوّلَ بعثتهم.

وثانيها: قِتال البغاة وهم على تأويل. (٢٥٧).

وثالثها: ضرب الصبيان (٢٥٨) على ملابَسة الفواحش، ومنه ضرب البهائم للتعليم والرياضة.

المسألة الثالثة: قال العلماء: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الفور إجماعا، فمن أمكنه أن يامُر بمعروف وجب عليه.

المسألة الرابعة: إذا رأينا مَنَ فعَلَ شيئا مختلَفا في تحريمه وتحليله وهو يعتقد تحريمه أنْكرنا عليه، وإن اعتقد تحليله لم يُنكَر عليه، إلا أن يكون مُدْرَك التحليل


(٢٥٧) وأساسه قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣].
(٢٥٨) وأساس ضرب الصبيان، الحديثُ النبوى الشريف الذي يقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعَشْر، وفرقوا بينهم في المضاجع".
والمراد به ضرب غيرُ مبرح لا يكسر عظما، ولا يَهْشِمُ لحْما، وهو الضرب الخفيف الذي يبعث فيهم شيئا من الخوف، ويحملهم على التزام أحكام الإسلام وآدابه، وأخلاقه وفضائله، حتي ينشأوا عليها وتَرْسخَ فيهم منذ الصغر رسوخا يُلازمهم وينتفعون به في الكِبَر، فإن من نشأ وشَبَّ على شيء شابَ عليه.
والأمر كذلك في ضرب الحيوان، وراد به الضرب الخفيف، فإن الرفق به مطلوب شرعا كما هو مستفاد من كثير من الأحاديث النبوية، التي تدل على ذلك، وتفيد حصول الثواب والأجر لمن ترّفقَ بالحيوانات، فيطعمها أو يسمها، عند احتياجها لذلك، ففي كل ذِى كبدٍ رطبة أجر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>