ومن المعلوم أن القرآن الكريم وحيٌ من الله تعالى باللفظ والمعنى، والحديث القدسى وحيٌ من الله بمعناه، وعَبَّر عنهْ النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظه النبوي الشريف. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله تعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عمِل عمَلاً أشركَ فيه معي غيري تركتُه وشِركَهُ". رواه الإِمام مسلم رحمه الله. ويفسره حديث آخرُ بمعناه عن أبي سعد بن أبي فُضالةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا جمع الله الناسَ يوم القيامة ليوم لا ريب فيه، نادَى مناد: من كان أشركَ في عملٍ عمِلَه لله أحَداً فليطلبْ ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك". رواه الإِمام الترمذي بسندٍ حسن. وعَنْ أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه قال: خطبنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يوم فقال: "يا أيها الناس، إتقوا هذا الشِّرْكَ فإنه أخْفَى من دَبيب النمل، فقال رجل: كيف نتقيه، وهو كذلك يا رسولَ الله؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نُشْرك بك شيئا نعْلَمه، ونستغفرك لما لا نعلمه" رواه كذلك الإِمام أحمد، والإِمام الطبراني رحمهما الله. (٢٦٤) وقَبْلها قولُه تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. سورة البينة الآية ٥. (٢٦٥) فالرياء مما يفسد العمل التعبدي ويبطله، ويذهبُ بثواب أجره، وقد ضرب الله المثل لمن يكون عمله رياءً، وسُمعةً فيكون مردوداً عليه، ولِمنْ يكون عمله خالصاً لله، فيكون مقبولاً منه وماجوراً عليه، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} =