(٢٧١) قال ابن الشاط: "أطلقَ القرافي القولَ في التفضيل بالعلم، وذلك غيرُ صحيحٍ، فإنه ربّما كان الجهلُ ببعض الْعُلُوم أفضلَ من ذلك العلم، وقد استعاذ النبي قوله - صلى الله عليه وسلم - من عِلمٍ لا ينفع". قلت: فعَنْ زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: لا أقول لكم إلَّا كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم إني أعوذ بك من العجْز والكسل، والجُبْنِ والبُخْلِ والهرَمِ وعذاب القبْر. اللهم آتِ نفسي تقواها وزكّها، أنت خيرُ من زكاها، أنت وليُّها ومولاها. اللَّهمّ إني أعوذُ بك من علم لا ينفع، ومن قَلْبٍ لا يخْشَعُ، ومن نفس لا تَشْبَعُ، ومن دعوة لا يستجاب لها". رواه الإِمام مسلم، وبعض أصحاب السنن، رحمهم الله. (٢٧٢) قال ابن الشاط: ما قاله القرافي في هذه القاعدة (أو في هذا الوجه كما عبَّر عنه البقوري)، وفي القاعدة الرابعة بعدها، صحيح وعلى الاطلاق، إلا ما قاله في صلاة العصر، فإن فضيلتها مخصَّة بالمذْهَبِ. قال القرافي في توجيه تفضيل أهل الكتاب على عبدة الاوثان وبيان ذلك: فقد أحل الله عز وجل طعامهم، وأباح التزوج من نسائهمِ دون عبدة الاوثان، لجحدهم لجبح الرسُلِ والرسالات الالهية. بحلاف أهْل الكتاب فإنهم آمنوا ببعضها، فحصل لهم هذا التمييز ... الخ. ما ذكره البقوري هنا. ثم قال في بيان تفضِيل الشهيد والعالم: فإن الشهيد أطاع الله تعالى ببَذْل نفسه ومالِهِ في نصره دين الله، وأعْظِمْ بذلك من طاعةٍ. وتفضيلُ العلماء بضبط شرائع الله وتعظيم شعائره التي من جملتها الجهادُ، وهدايةُ الخلق إلى الحق، وتوصيلُ معالم الاديان، ولولا سعْيهم في ذلك من فضل الله عز وجل لا نقطع أمر الجهاد وغيرُه، وكل ذلك من نعمة الله تعالى عليهم.