(٢٧٤) قال ابن الشاط: ما قاله من شرف الصفة بشرف موصوفها صحيح، وما قاله من أن شرف الصفات المذكورات (من وجوهِ صفات الكلام النفسيّ القديم، والارادة والقدرة، وغيرها من جميع الصفات المنسوبة إلى الله تعالى) أو من صفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كشجاعته وكرمه، وجميع ما هو صفة لنفسه الكريمة) لم يذكر من تلك الوجوه إلا شَرَفَ الموصوف، ومنها - والله تعالى أعلم - قِدَمُها وبقاؤها، وذلك: مختص بصفات الله تعالى، وأما صِفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلمصاحبتها للنبوة، والله أعلم. (٢٧٥) قال ابن الشاط: ما قاله القرافي من أن المزية للفظ القرآن انفراد إرادة الله تعالى بوضعه (اي في نفس جبريل، كما هو الموضوع) دون إرادة جبريل. دعوى لا أراها تقوم عليها حجة، ولعل جبريل أراد ذلك، فليس ما قاله في ذلك بصحيح، بل المزية التي امتاز بها لفظ القرآن على كلام الناس كونه دالا على كلام الله تعالى، وعِبارةً عنه، وامتيازه عن لفظ التوراة والانجيل وغيرهما من الكتب المنزلة على الرسل، بالإِعجاز وغيره من الاوصاف التي امتاز بها كما قال. قلت: يظْهَرُ أن هذا التعقيب في أوله عند الشيخ ابن الشاط يحتاج إلى تأمل ونظر، فلعل ما قاله "من أن جبريل لعله أراد ذلك"، هو الذي ليس بصحيح، وما قاله القرافي هو الصحيح والسليم على ما يظهر، ولا يحتاج إلى برهان وحجة. والله أعلمُ بالصواب. وبيان ذلك أن من المعتقد المسَلّم به، أن الوحْيَ بالقرآن البين هو من الله وحده، وأن تأليفه، ونظمه واسلوبه كذلك، وأن وضعه وترتيبه على ما هو عليه في اللوح المحفوظ، وكذا رصفه ونظامه في نفس جبريل للوَحْي بِه على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولحفظه في الصدور ولكتابته بعد ذلك في المصحف الكريم سوراً وآيات، وحروفا وكلمات، ومنقولا الينا يالتواتر، هو من أمر الله تعالى وشأنه وحده، ومن وضعه وارادته وحده، ولا دخل في شيء من ذلك لأمين الوحي وروح القدس جبريل عليه السلام، وأن شأنَهُ أن يتلَقي القرآن عن الله تعالى كما ألقِي في نفسه، وكما =