ولذلك لم يتضح لي هذا التعليق والتعقيب في أوله، ولم يظهر جليا وجْه المراد به، والمقصودُ منه عند ابن الشاط رحمه الله، حيث قال "ولعل جبريل أراد ذلك"، اللهم الا أن يكون قصورا مني في فهم عبارته الدقيقة، ومقصده فها، فما أبرئ نفسي من ذلك، فليتَأمَّل ذلك، وليُنْظَر، وليرجع فيه إلى المؤلفات في علوم القرآن، كالبرهان للزركشى، والاتقان للسيوطى، ومناهل العرفان للزرقاني، وعلوم القرآن للشهيد الدكتور صبحي الصالح رحمهم الله، ومقدمة في الدراسات القرآنية للأستاذ الدكتور محمد فاروق النبهان مدير دار الحديث الحسنية بالرباط، وغيرها من مؤلفات القدامى والمعاصرين ومباحثهم القيمة في علوم القرآن، جزاهم الله حيراً وأثابهم على عملهم المثمر المفيد في خدمة القرآن والسنة وعلومها الاصيلة الراسخة، والله أعلم بالصواب. أمَّا ما قاله ابن الشاط في آخر هذا التعقيب، وبيان المزية التي امتاز بها القرآن الكريم على غيره من الكتب الالهية الاخرى فهو صحيح وسليم، ولا يتعارض في نظري على ما يظهر مع ما قاله القرافي في مزية ألفاظ القرآن، فلينظر ذلك ولْيتأمَّل، والله أعلم بالصواب. (٢٧٦) قال ابن الشاط: ما قاله القرافي في القاعدة السابعة والثامنة والتاسعة، كلّه صحيح. (٢٧٧) قال القرافي: وكتفضيل علم الفقه على علم الطب لتعلقه برسالات الله تعالى وأحكامه، وهذا القسم غير المدلول، فكل مدلول متَعَلِّقٌ، وليس كلّ متعلّقٍ مدلولا، لأن الدلالة والمدلول من باب الالفاظ والحقائق الدالة، كالصنعة على الصانع، فإنها تدل عليه، وأمّا العلم ونحوه فلا يقال له دالٌّ، بل مدلول في نفسه، وليس بدليل على غيره، بل له متعَلّقٌ خاص، وهو معلومه، وكذلك الإِادة المتعلقة بالخيور أفضل من الإِرادة المتعلقة بالشرور، والنيةُ في الصلاة أفضل من النية في الطهارة، لأنها متعلقة بالمقاصد، والثانية متعلقة بالوسائل، والمقاصد أفضل من الوسائل، والمتعلق بالافضل أفضلُ. =