للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني عشَرَ: التفضيلُ بالمجاوَرة كتفضيل جلد المصحف على سائر الجلود، فلا يمسه محْدِثٌ، ولا غيرُ ذلك من الأحكام المتعلقة به.

الثالثَ عشر: التفضيل بالحلول كتفضيل قبره - صلى الله عليه وسلم - على جميع بقاع الارض، حكى القاضي أبو الفضلِ الاجماعَ في ذلك في كتاب الشِّفَا له، ولمَّا خَفي هذا المعنى على بعض الفضلاء أنكرَ الاجماع الذي ذكره أبُو الفضل وقال: التفضيل إنما هو بكثرة الثواب على الأعمال، والعملُ على قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرَّم، والصوابُ ليس معه، لحصره التفضيلَ وليس بمنحَصِر.

الرابع عشر: التفضيل بسبب الإضافة، كقوْلهِ تعالى: {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ} (٢٧٩)، ؛ أن الإهانةَ بقوله: {أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ}، وممَّا ذكرناه بيتُ الله، وحَرَمُ الله


= الارادة بالممكنات: وجودها أو عَدمِها، واختصاص القدرة بوجود الممكنات خاصة، واختصاص السمع ببعض الموجو ات، وهي الاصوات والكلام النفسي، واختصاص البصر ببعض الموجودات الممكنات والواجبات دون المستحيلات والمعدومات الممكنات ... الخ.
(٢٧٩) سورة المجادلة، الآية ٢٢.
قال القرافي: "أضاف الله إليه المومنين وحِزْبهم، ليُشرَفهم بالاضافة إليه، كما أضاف العصاة إلى الشيطان ليهينم بالاضافة إليه ويحقرهم".
ومن ذلك قول الله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}، (سورة الحج، الآية ٢٦)، أضاف البيت إليه تعالى ليشرفه بالاضافة إليه، ومنه قوله تعالى:
{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال: ٤١]، أضاف الله عبودية النبي - صلى الله عليه وسلم - إضافَةَ تشريف" .. وذلك ما جعل القاضي عياض رحمه الله يبهج ويسعد، ويعتز ويفرح بعبوديته كما هو شأن كل مسلم ومسلمة، فقال في ذلك بيتين مشهورين يرددهما بعض العباد الصالحين، وكنت أسمعهما بين الحين والآخر من أحدِ شيوخي الاتقياء في تخفيظ القرآن الكريم، وهو يرتجز بهما ويرددهما احيانا بصوت مرتفع او مع نفسه.
وممَّا زادني طَرَباً وتيها ... فكدتُّ بأخمصي أطأ الثرَيَّا
دخولي تحت قولك يا عبادي .. وأن صيَّرْتَ أحمدَ لي نبيا
ويشير بذلك إلى النداء بالعبودية في كثير من الآيات القرآنية، ومنها قوله تعالى في شأن عباده. المسلمين هوم القيامة، وتبشيرهم بدخول الجنة والتنعم. برضوان الله ونعمِه المقيم: {يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: ٦٨ - ٧٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>