بالإرسال أوْلى من التعبير بالإطلاق؛ لأن المتبادر من الإطلاق ما قرن
بالإرادة، أما الإرسال فهو أعم منه؛ حيث إن اللفظ يدل على معناه
إذا تلفظ به وإن لم يرد به المعنى.
***
المسألة الثالثة: بيان أهمية الدلالة اللفظية الوضعية:
إن الدلالة اللفظية الوضعية هي أهم أقسام الدلالات الستة - التي
ذكرناها سابقاً - ودلَّ على تلك الأهمية أمران:
الأمر الأول: انضباطها، حيث إن الإنسان لما كانت طبيعته تقتضي
التمدن وهو الاجتماع مع بني نوعه لأجل مشاركتهم في العيش
وإعلام أحدهم على ما في قلبه وضميره لصاحبه، والتفاهم مما
يخص المآكل والمشارب، والمعاملات، والتعلم والتعليم؛ لذلك
مست الحاجة إلى الدلالة اللفظية الوضعية للانضباط التي تتميز به،
بخلاف الدلالة الطبيعية والعقلية، فإنهما غير منضبطتين؛ نظراً
لاختلافهما باختلاف الطبائع والعقول والأفهام.
الأمر الثاني: أن تلك الدلالة - وهي الدلالة اللفظية الوضعية -
عامة وشاملة لما يقصد إليه من المعاني؛ حيث إن النفع بها في التعبير
يعم الموجودات والمعدومات في مجال التعلم والتعليم ونحوهما من
مجالات الحياة المختلفة.
والخلاصة: أن الدلالة اللفظية الوضعية هي الوسيلة الأساسية في
تعامل الناس مع بعضهم، وهي تؤدي من الأغراض والمقاصد ما لا
تؤديه أي دلالة من الدلالات، وبذلك تكون تلك الدلالة أهم أنواع
الدلالات، وأعمها نفعا في كسب العلوم.