المذهب الثالث: أن المشترك ممتنع وليس بواقع، وهو لبعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
أن المشترك لا يفهم الغرض والمعنى المقصود من الواضع، وإذا
كان كذلك فإنه يؤدي إلى المفسدة، وما كان مؤديا إلى المفسدة وجب
أن لا يكون، فيكون المشترك - حينئذ - مفسدة فيمتنع وقوعه.
جوابه:
أنا لا نُسَلِّمُ أن اللفظ إذا كان مشتركا لم يفهم الخاطب الغرض والمقصود
والمعنى المراد من الواضع؛ لجواز أن يعرف مراد المتكلم بالقرائن.
وإن سلمنا: أن اللفظ المشترك لا يفهم الغرض المراد، فلا نسلم
أن المقصود من الوضع في جميع المواضع هو الفهم التفصيلي؛
لجواز أن يكون التعريف الإجمالي مقصوداً في بعض الصور، كما
في أسماء الأجناس كالحيوان، والإنسان، فإنها تدل على ما وضعت
له إجمالاً، ولا تدل على تفاصيل ما تحتها.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف لفظي في هذه المسألة؛ لاتفاق أصحاب المذاهب على أن
" القرء " متردد بين " الطهر "، و " الحيض "، وهما ضدان.
أما أصحاب المذهب الأول والثاني فواضح.
أما أصحاب المذهب الثالث فقد يسمونه باسم آخر كالمشكل مثلاً.
تنبيه: المشترك وافع في القرآن الكريم مثل: " القرء " و "عسعس "
و" الصريم "، وواقع في السُّنَّة مثل ما روي: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام العشاء حين غاب الشفق "، والقرء، وعسعس، والصريم،
والشفق ألفاظ مشتركة، وقد سبق بيان ذلك في الباب الثاني وهو
في: أدلة الأحكام.