فالنقل هنا أوْلى؛ لأنه على تقدير النقل يكون اللفظ لحقيقة مفردة؛
لأنه إن اشتهر النقل فالمراد المنقول إليه، وإن لم يشتهر فالمراد المنقول
عنه فلا يوجد له إلا معنى واحد في الحالتين، أما على تقدير
الاشتراك فليس كذلك؛ لأن اللفظ في حالة الاشتراك له معنيان
فأكثر في وقت واحد، وما له معنى واحد - وهو النقل - أولى مما
له معنيان - وهو الاشتراك.
الوجه الثاني: إذا وقع التعارض بين " الاشتراك " و " المجاز ":
فالمجاز أَوْلى بالتقديم؛ لأمرين:
أولهما: أن المجاز أكثر استعمالاً من الاشتراك، والكثرة أمارة
الظن والرجحان.
ثانيهما: أنه على تقدير المجاز إن كان اللفظ مع القرينة: وجب
حمله على المجاز، وإن كان مجرداً عنها: وجب حمله على
الحقيقة، فهو مفيد على التقديرين، بخلاف الاشتراك فإنه إن تجرد
اللفظ عن القرينة وجب التوقف؛ لاحتمال تنافي معاني المشترك، أو
امتناع حمله على معنييه إذا لم يمكن الجمع بينها.
مثاله: لفظ " النكاح " فنقول: " موطوءة الأب بالزنا تحل للابن
فيجوز أن يتزوجها "؛ لقوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ) ،
وهي قد طابت للابن.
فإن قال قائل: هذا معارض بقوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ) ، والنكاح حقيقة في الوطء.
قلنا: لا نُسَلِّمُ، بل النكاح حقيقة في العقد في الشرع؛ لقوله
- صلى الله عليه وسلم -: "النكاح من سنتي "، وإذا كان حقيقة في العقد لا يكون حقيقة في الوطء، ولو كان حقيقة في العقد والوطء للزم الاشتراك