وعبارة: " الظاهر منه " أخرجت اللفظ المشترك؛ حيث إنه يحمل
على أحد معنييه، فإن هذا لا يسمى تاويلاً.
وعبارة: " مع احتماله له " أخرجت اللفظ إذا صرف عن معناه
الظاهر إلى معنى لا يحتمله أصلاً، فإن هذا لا يكون تأويلاً صحيحاً.
وعبارة: " بدليل يعضده " أخرجت اللفظ الذي صرفناه عن معناه
الظاهر إلى معنى مرجوح من غير دليل، فإن هذا لا يكون تأويلاً
صحيحاً.
***
المسألة الثالثة: في أنواعه:
يتنوع التأويل إلى ثلاثة أنواع، ويختلف الدليل باختلاف النوع.
النوع الأول: التأويل القريب، وهو: ما إذا كان المعنى المأول
إليه اللفظ قريباً جدا، فهذا يكفيه أدنى دليل.
مثاله: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، فإن القيام إلى الصلاة - في هذه الآية -
مصروف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر قريب محتمل، وهو:
العزم على أداء الصلاة، أي: إذا عزمتم على أداء الصلاة، والذي
رجح هذا الاحتمال: أن الشارع لا يطلب الوضوء من المكلَّفين بعد
الشروع في الصلاة؛ لأن الوضوء شرط لصحتها، والشرط يوجد
قبل المشروط، وهو معنى قريب يتبادر فهمه إلى أي سامع.
النوع الثاني: التأويل البعيد، وهو ما إذا كان المعنى المأول إليه
اللفظ بعيداً جداً، فهذا يحتاج إلى دليل في غاية القوة.
مثاله: قوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)