الشرط الثالث: أن يقوم التأويل على دليل صحيح يدل دلالة
واضحة وصريحة على صرف اللفظ عن ظاهره إلى غيره.
الشرط الرابع: أن يظهر المتأول ما اشترط في الثاني والثالث،
أي: أن يذكر المتأول المعنى المرجوح الذي أول إليه اللفظ، وأن يذكر
ْالدليل الذي عضد ذلك المعنى المرجوح وقواه حتى قدم على الظاهر
والراجح، وإن لم يبين ذلك كان كل ما ادعاه مجرد دعوى لا يقبل.
***
المسألة الخامسة: أقسام دليل التأويل:
لقد قلنا في الشرط الثالث: أن يقوم التأويل على دليل صحيح
يدل دلالة واضحة على صرف اللفظ عن ظاهره إلى غيره، والدليل
هذا على أقسام:
القسم الأول: نص ظاهر آخر.
أي: أن الدليل الصارف عن المعنى الظاهر إلى المعنى المرجوح قد
يكون نصا آخر.
مثاله: قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) ، فإن لفظ
"الدم " عام وشامل للدم المسفوح وغير المسفوح، وهو المعنى الظاهر
من اللفظ.
ولكن صرف هذا اللفظ من ظاهره وهو العموم بنص ظاهر آخر،
وهو قوله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا) ، فخصصت هذه الآية
الثانية الآية الأولى، وذلك لأنها قد بيَّنت أن الدم المحرم هو الدم
المسفوح.