فالظاهر من هذا النص هو: اشتراط الولي في النكاح مطلقا،
وهو مذهب جمهور العلماء.
ولكن الحنفية - وهم القائلون: إنه لا يشترط ذلك، فالمرأة تزوج
نفسها - قد أوَّلوا هذا الحديث بأن المراد بالمرأة هنا: هي الأمة؛
حيث إنه لا يجوز لها أن تزوج نفسها، بل أمرها بيد سيدها.
فقيل لهم: إنه ورد في آخر الحديث عبارة: " فلها المهر بما
استحل من فرجها "، فهذه العبارة تبطل هذا التأويل؛ لأنه معلوم
أن الأَمَة لا تملك شيئاً؛ لأنها وما تملك لسيدها.
فقالوا: إذن يُحمل الحديث على المرأة المكاتبة - وهي التي اشترت
نفسها من سيدها - وقالوا ذلك لأن المكاتبة فيها شوبا من الحرية،
فيكون مهرها لها كالحرة، وشوبا من الرق فلا تستقل بتزويج نفسها.
وهذا التأويل بعيد وضعيف جداً للأوجه التالية:
الوجه الأول: أن الحديث ورد فيه صيغة من صيغ العموم المتفق
عليها، وهي: " أي " المؤكدة بـ " ما " مما يجعل العموم قويا،
فيكون الولي مشترطا في النكاح في جميع نساء العالم - وهو
الظاهر -، فكيف يحمل هذا العموم على النادر والشاذ من النساء،
وهي المكاتبة؟!
الوجه الثاني: أنه لم ينقل ألينا أن الصحابة أو واحداً منهم، فهم
من هذا الحديث أن المقصود: المكاتبة فقط، ولو نقل لبلغنا، ولكن
لم يصلنا شيء من ذلك مما يجعلنا نقطع بأن هذا الفهم شاذ.
الوجه الثالث: أن فهم اشتراط الولي لجميع النساء من هذا
الحديث هو الموافق للغة العربية، أما فهم أن المراد من هذا الحديث