للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكون المراد من البيان هو: الدليل هو الحق؛ لكونه شاملاً لبيان

الإجمال، وما يدل على الحكم ابتداء - وهو واضح -؛ حيث إن

ما يدل على الحكم ابتداء من غير سابقة إجمال يُسمَّى بيانا: فمن

ذكر دليلاً لغيره ووضحه غاية الإيضاح يصح لغة وعرفا أن يقال: "تم

بيانه "، أو يقال: " هذا بيان حسن " إشارة إلى الدليل المذكور،

والأصل في الإطلاق الحقيقة.

***

المسألة الثانية: حكم من خَصَّ البيان بالمجمل فقط:

إن بعض العلماء قد عرَّف البيان بتعريف يخص المجمل فقط.

منهم أبو بكر الصيرفي الذي عرَّف البيان بأنه: " إخراج الشيء

من حيز الإشكال إلى حيز التجلي ".

ومنهم جمهور الفقهاء الذين عرفوا البيان بأنه: " إظهار المراد

بالكلام الذي لا يفهم منه المراد إلا به " - كما نسبه إليهم أبو الحسن

الماوردي - وكما وصفه ابن السمعاني بأنه أحسن الحدود.

ومعناه: أن البيان هو: الشيء الذي دلَّ على أن المراد من ذلك

اللفظ المجمل هو ذلك المعنى المعين، فمثلاً: يرد لفظ " القرء "

ونحوه مما لا يستقل بنفسه في الدلالة على المعنى المراد، فما دلَّ على

المراد من ذلك اللفظ هو: البيان.

وهذان التعريفان يختصان باللفظ المجمل - فقط - حيث إنهما

يفيدان: أن اللفظ كان مشكلاً متردداً بين معانٍ - وهو المجمل -

فجاء بيانه.

وهذا فيه تقييد للبيان، وحصره في صورة واحدة من صوره.