وهذا ضعيف؛ حيث إن البيان عام لما سبقه إجمال ولما جاء
ابتداء، وقلت ذلك؛ لأمور:
الأمر الأول: أن الواقع يشهد أن الشخص إذا دلَّ غيره على شيء
فإنه يقال له: " بيَّنه له"، ويوصف بأنه " بيان حسن "، فهذا يصح
إطلاقه، وإن لم يكن قد سبقه لفظ مجمل، والأصل في الإطلاق
الحقيقة.
الأمر الثاني: أن النصوص الشرعية التي أوردت الأحكام ابتداء
تسمى بياناً، قال تعالى: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ) ، وأراد به القرآن،
فلا يشترط فيه أن يكون بيانا لمشكل.
الأمر الثالث: أنه ليس من شرط البيان: أن يحصل التبيين والعلم
بهذا البيان للمخاطب، فيصح أن يقال: " بين له ذلك غير أنه لم
يتبين ولم يعلم به "، بل أن يكون بحيث إذا سمع وتؤمل وعرفت
المواضعة صح أن يعلم به، ويجوز أن يختلف الناس في تبيين ذلك
وتعرفه.
المسألة الثالثة: أقسام المبيَّن - بفتح الياء -:
المبيَّن ينقسم إلى قسمين هما:
القسم الأول: المبيَّن بنفسه، وهو: الذي استقل بإفادة معناه من
غير أن ينضم إليه قول أو فعل، ويُسمَّى بـ " الواضح بنفسه "، وهو
نوعان:
النوع الأول: أن تكون إفادته للمراد بسبب راجع إلى اللغة، مثل
قوله تعالى: (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، فإن إفادته شمول علمه
تعالى جميع الأشياء ثبت عن طريق اللغة من غير توقف.