للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذهب الثاني: أن الفعل لا يصلح أن يكون بياناً.

وقد نسب هذا إلى أبي إسحاق الإسفراييني، وبعض العلماء.

أدلتهم على ذلك:

الدليل الأول: أن البيان بالفعل لم يقع في الشريعة، وهذا يدل

على عدم صلاحيته ليكون بيانا لشيء، وما ذكرتموه من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن بفعله كيفية الصلاة والحج فليس بصحيح؛ حيث إن بيان الصلاة قد حصل بقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"صلوا كما رأيتموني أصلي "،

وبيان الحج قد حصل بقوله لمجم: "خذوا عني مناسككم "،

وهما قولان، وليسا بفعلين.

جوابه:

لا نسلم أن بيان الصلاة والحج قد حصل بالقول " لأن قوله:

"صلوا كما رأيتموني أصلي وقوله: " خذوا عني مناسككم "

لم يتضمن تعريف شيء من أفعال الصلاة والمناسك، بل غايته: تعريف

أن الفعل هو: البيان، أي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه قال لهم: انظروا إلى فعلي في الصلاة والحج وافعلوا مثله، فكان فعله للصلاة من

ركوع وسجود، وقيام، وتسليم هو المبين لقوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) ، وفعله في الحج - من وقوف بعرفات - وطواف إفاضة، وسعي، ومبيت بمزدلفة ومنَى هو المبين لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) .

الدليل الثاني لهم.: أن الفعل - وإن كان مشاهداً - غير أن زمان

البيان به قد يطول، مما يؤدي إلى تأخير البيان عن وقت الحاجة،

مع إمكان تعجيله بالقول، وتأخير البيان عن وقت الحاجة مع إمكانه

لا يجوز.