للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى قد بيَّن المراد من ذلك بالقول والكلام، حيث قال:

(إنها بقرة صفراء فاقع لونها) ، وهذا بيان بقوله تعالى.

ومنها قوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) ،

وقوله: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، حيث إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن ذلك بالقول والكلام، حيث قال: " فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالسانية نصف العشر "، وهو كثير في الشريعة - كما قلت -

فالأحكام الواردة في الكتاب وجاء تفصيلها في السُّنَّة هي من هذا

القسم، وهو بيان بقوله - صلى الله عليه وسلم -.

القسم الثاني: البيان بالفعل.

اختلف العلماء في هذا القسم على مذاهب:

المذهب الأول: أن الفعل يكون مبينا كالقول.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق، لدليلين:

الدليل الأول: الوقوع؛ حيث إنه لما نزل قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) ، وقوله: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) ، بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله كيفية الصلاة، وكيفية الحج، والوقوع دليل على صلاحية

الفعل ليكون بيانا.

الدليل الثاني: القياس؛ حيث إن الإجماع قد انعقد على كون

القول بيانا، فالفعل في إفادة المقصود أوْلى؛ لأن مشاهدة أفعال

الصلاة - وأفعال الحج أدل على معرفة تفاصيلها من الأخبار عنها

بالقول؛ حيث إن البيان بالكشف أظهر من البيان بالوصف، ولهذا

كانت مشاهدة " زيد " في الدار أدل على معرفة كونه فيها من الأخبار

عنه بذلك، ولهذا قيل: " ليس الخبر كالمعاينة "، وإذا جاز القول

بيانا مع قصوره في الدلالة عن الفعل المشاهد، فكون الفعل بياناً

أوْلى.