والإثبات لم يتواردا على محل واحد؛ لأن أصحاب المذهب الثاني
نفوا كون الفعل يحصل به البيان لعدم القرينة، أما أصحاب المذهب
الثالث فقد أثبتوا ذلك لوجود القرينة.
القسم الثالث: البيان بالكتابة.
دل على أنه يحصل البيان بالكتابة دليلان:
الدليل الأول: الوقوع؛ حيث وقع ذلك؛ فإنه روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى عماله في الصدقات، وكتابه الذي بعثه مع عمرو بن حزم إلى أهل اليمن، وبين فيه الفرائض والسق والديات، وكتابة الخلفاء
من بعده إلى عمالهم في الصدقات من غير نكير.
الدليل الثاني: القياس على البيان بالقول، بيان ذلك:
أن الكتابة تقوم مقام القول اللساني، والجامع: أن في كل منهما
تأدية الذي في النفس.
القسم الرابع: البيان بترك الفعل.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ترك فعل شيء، فإنه يتبين من ذلك نفي وجوب ذلك الفعل؛ لأن - صلى الله عليه وسلم - لا يقع في فعله محرم، ولا ترك واجب، فمتى ترك شيئاً دلَّ على عدم وجوبه، فمثلاً: ترك القعود للتشهد، والقيام من الركعة الثانية إلى الثالثة، والمضي في صلاته يدل على أن هذا القعود ليس بواجب.
القسم الخامس: البيان بالسكوت.
السكوت بعد السؤال عن حكم واقعة من الوقائع يعتبر من البيان،
فإذا سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حكم حادثة وواقعة، وسكت: دلَّ سكوته على أنه لا حكم للشرع في هذه الواقعة، وهذا يُعتبر بيانا لها.