يدل على ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يُقرُّ على الخطأ، أي: لو كان سكوته عن بيان حكمها خطأ لبيَّن له اللَّه تعالى ذلك، فيكون
سكوته بياناً في أن هذه الواقعة لا حكم لها.
القسم السادس: البيان بالإشارة.
الإشارة يحصل بها البيان دلَّ على ذلك دليلان:
الدليل الأول: الوقوع؛ حيث روي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه شهراً، فلما بلغ تسعة وعشرين يوما دخل عليهن، فقيل له: إنك آليت شهراً فقال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وأشار بأصابعه
العشر، وقبض إبهامه في الثالثة، يعني تسعاً وعشرين، فبيَّن - هنا -
الشهر بالإشارة بأنه يكون - أحياناً - ثلاثين يوما، وأحيانا تسعة
وعشرين يوماً.
اعتراض على ذلك:
قال قائل - معترضاً -: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن الشهر بالقول الصريح، لا بالإشارة؛ حيث روي عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله:" الشهر تسع وعشرين، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له ".
جوابه:
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن ذلك مرة بالقول الصريح، وبيَّن مرة أخرى
بالإشارة، مما يدل على جواز البيان بالإشارة.
الدليل الثاني: القياس على البيان بالقول؛ حيث إن الإشارة تقوم
مقام اللسان في التعبير عما يجول في النفس، فكانت بياناً.