المسألة الخامسة: إذا ورد بعد لفظ مجمل قول وفعل، وكل
واحد منهما صالح لأن يكون بيانا فأيهما الذي يقع به البيان؟
للكلام عن هذه المسألة لا بد من تقسيمها إلى قسمين:
القسم الأول: يكون في اتفاق القول والفعل في الحكم.
القسم الثاني: يكون في اختلاف القول والفعل في الحكم.
القسم الأول: إذا اتفق القول والفعل في الحكم فلا يخلو:
إما أن يُعلم تقدم أحَدهما أو يُجهل المتقدم.
فإن علم تقدم أحدهما: فالمتقدم هو المبين - سواء كان قولاً أو
فعلاً، وذلك لحصول المقصود به، والثاني مؤكد له.
وإن جهل المتقدم منهما - أي: لا يعلم هل المتقدم القول أو
الفعل؛ - فلا يخلو: إما أن يكونا متساويين في الدلالة، أو
أحدهما أقوى في الدلالة من الآخر.
فإن كانا متساويين في الدلالة، فأحدهما يكون هو المبين،
والآخر يكون مؤكداً له من غير تعيين - أي: يختار المجتهد منهما
دون تعيين -.
وإن كانا مختلفين في قوة الدلالة - بأن كان القول أقوى وأرجح
من الفعل أو العكس - فقد اختلف العلماء أيهما الذي يُقدم؛ على
مذهبين:
المذهب الأول: أن أحدهما يكون هو المبيّن، والآخر يكون مؤكداً
له من - غير تعيين - كما لو كانا متساوين - ولا فرق بين الراجح
والمرجوح.