أنه قال: " من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي
واحد عنهما حتى يحل منهما جميعاً "،
وهذا بيان لكيفية أداء القِران بالقول، وروى عليّ - رضي اللَّه عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين،
وقال: هكذا رأيت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - صنع.
فهنا قد اجتمع القول والفعل في بيان آية الحج، وهي قوله تعالى:
(ولله على الناس حج البيت) ، وقوله: (وأتموا الحج والعمرة لله)
فبيَّن بالقول والفعل: قِران الحج والعمرة فأيهما المبيِّن؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: أن القول هو المبيِّن مطلقاً، أي: سواء تقدم
القول أو الفعل، أو لم يعلم شيء من ذلك.
وهو مذهب الجمهور، وهو الحق؛ لأن القول يدل بنفسه على
البيان، بخلاف الفعل، فإنه لا يدل على كونه بيانا إلا بواسطة دلالة
القول عليه: - أي: أن الفعل لا يدل إلا بواسطة انضمام القول
إليه - والدال بنفسه أقوى من الدال بغيره.
اعتراض على ذلك:
قال قائل - معترضا -: إن هذا مناقض لما قلتموه - هناك - من
أن الفعل أقوى في البيان؛ لأن الشاهدة أدل.
جوابه:
أنا نقول: إن القول أقوى في الدلالة على الحكم، والفعل أدل
على الكيفية: ففعل الصلاة أدل من وصفها بالقول؛ لأن فيه مشاهدة
وأما استفادة وجوبها، أو ندبها أو غيرهما: فإن القول أقوى؛ نظراً
لصراحته.