الجواب الثاني: أنه لا يمتنع مخاطبة الأعجمي بالعربية؛ قياساً
على مخاطبة المعدوم، بيان ذلك:
أنا جوزنا كون المعدوم مخاطبا بالتكاليف الشرعية، وذلك على
تقدير الوجود، أي: أنه مأمور بها إذا وجد وتوفرت فيه شروط
المكلَّف - كما سيأتي بيانه إن شاء اللَّه تعالى - فإذا كان هذا جائزاً،
فمن باب أَوْلى جواز مخاطبة - صلى الله عليه وسلم - لجميع أهل الأرض من
العرب والعجم، ويشعرهم اشتمال هذا القرآن على أوامر يعرفهم بها
المترجم، فكما جاز أمر المعدوم على تقدير وجوده وتوفر شرط
التكليف، كذلك يجوز أمر الأعجمي بالعربية على تقدير وجود المبيِّن
له، وهو: المترجم.
الدليل الرابع: أنه لا خلاف في أنه لو قال: " في خمس من
الإبل شاة "، وأراد به خمساً من الغنم أو البقر، فإنه لا يجوز
ذلك؛ لأنه تجهيل في الحال، وإيهام الخلاف المراد، فكذلك قوله
تعالى: (فاقتلوا المشركين) يوهم قتل كل مشرك، فإذا لم يُبين أنه
مخصص فهو تجهيل في الحال، وكذلك لو قال: " له عليّ عشرة "
وأراد بالعشرة سبعة فإنه لا يجوز؛ لأنه تجهيل، وإن كان ذلك جائزاً
إن اتصل الاستثناء به بأن يقول: " له عليّ عشرة إلا ثلاثة "،
وكذلك العموم قد وضع للاستغراق، فلا يجوز إرادة الخصوص به
إلا بشرط وجود قرينة متصلة مبينة لذلك، فأما إرادة الخصوص بدون
قرينة فهو تغيير للوضع.
جوابه:
إن ما ذكرتم صحيح لو كان العام نصا في إفادته للاستغراق،
أي: لو كانت دلالة العام قطعية لكان ما ذكرتم صوابا، ولكن ليس