للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر كذلك عند جمهور العلماء؛ لأن دلالة العام ظنية، حيث إن

صيغ العموم تفيد العموم والخصوص، لكن إفادتها للعموم أرجح

- كما سيأتي بيانه والاستدلال عليه في باب العموم -.

وبناء على ذلك: فيجب على المكلََّف العمل باللفظ العام على

عمومه إن تجرد عن القرينة المخصصة، وهو - في نفس الوقت -

يحتمل أن يراد منه الخصوص، وينتظر أن ينبه على الدليل المخصص.

أما إذا أراد بالعشرة: سبعة، وأراد بالإبل: البقر، ونحو ذلك،

فهذا ليس من كلام العرب، وهو تغيير للوضع، وقلب لحقائق

اللغة.

المذهب الثالث: التفصيل بين المجمل، والعام، والمطلق:

فيجوز تأخير بيان المجمل، ولا يجوز تأخير بيان العام والمطلق.

وهو مذهب أبي الحسن الكرخي، واختاره الدقاق من الشافعية

وأبو الحسين البصري.

دليل هذا المذهب:

أن اللفظ العام يجب حمله على الحقيقة؛ فإذا ورد لفظ عام،

فإنه يجب أن نعتقد العموم فيه، أما إذا ورد لفظ عام أريد به

الخصوص ولم يبين مراده في ذلك، فإنه لا يجوز تأخير بيانه عق

وقت الخطاب به؛ لأن ذلك يؤدي إلى القول بلزوم اعتقاد الشيء

على خلاف ما هو عليه، ويفضي إلى ثبوت حكم في صورة غير

مرادة - أصلاً - ولذا فلا يجوز تأخير بيان مثل هذا العموم لئلا يلزم

منه ما ذكرناه؛ بخلاف المجمل؛ حيث إن المجمل لا يفهم منه معنى

معين؛ لأن معانيه متساوية في الفهم، ولا يرجح أحدهما على الآخر

إلا بقرينة.