الدليل الثاني: أنه لما قال سُحيم عبد بني الحسحاس:
عميرة ودع إن تجهزت غازياً ... كفى الشبيب والإسلام ناهيا
قال له عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه -: لو قدمت الإسلام
على الشبيب لأجزتك.
وجه الدلالة: أنه لو لم تكن الواو للترتيب لما أنكر عمر ذلك -
وهو من أهل اللسان - فدل ذلك على أن الواو للترتيب.
جوابه:
إن هذا الإنكار إنما كان على وجه الأدب في تقديم الأهم في
الذكر، لا لأن الواو تقتضي الترتيب؛ جمعا بين الأدلة.
المذهب الئالث: أنها للجمع بقيد المعية، وهو مذهب بعض
المالكية والحنابلة.
دليل هذا المذهب: الوقوع؛ حيث وقع أن " الواو " قد جاءت
بمعنى " مع " في كلام العرب، من ذلك قول أبي الأسود الدؤلي:
لا تنه عن خلق وتأتي بمثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
وقوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ) .
فإن الواو - هنا - قد استعملت بمعنى " مع "، والاستعمال دليل
الحقيقة.
جوابه:
إن استعمال " الواو " في غير المعية أكثر، والكثرة يرجح بها،
فتكون " الواو " لغير المعية، ولا تستعمل للمعية إلا بقرينة، وقد
حصل هنا، فقد استعملت للمعية بقرينة، ولا نزاع عند دلالة
القرينة.