وجه الدلالة: أن افتراء الكذب يكون في الدنيا، والإسحات
بالعذاب أي: الاستئصال به يكون في الآخرة، وبينهما تراخ في
الزمن، إذن: " الفاء " لا تكون للتعقيب.
جوابه:
إن الفاء في هذه الآية للتعقيب، وقد حصل لهم ذلك الإسحات
في الدنيا، بيان ذلك: لا تختلفوا على الله كذبا فيستأصلكم
ويهلككم هلاكا لا بقية فيه، فالافتراء والعذاب كلاهما في الدنيا؛
لأن الاستئصال لا يكون في الآخرة، فتعقيب الافتراء بالاستئصال
متحقق في الدنيا مباشرة لمن لم يرجع منهم عن غيه، وقد حصل
ذلك لفرعون وقومه.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي، حيث أثر ذلك في بعض الفروع الفقهية ومنها:
١ - هل تجب استتابة المرتد؟
يلزم على المذهب الأول - وهو: أن الفاء للترتيب والتعقيب -:
أنه لا تجب استتابة المرتد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"من بدل دينه فاقتلوه "،
فالفاء - هنا - للتعقيب بلا مهلة، وهي تقتضي الترتيب باتصال.
ويلزم على المذهب الثالث - وهو: أن الفاء لا تدل على
التعقيب -: أنه تجب الاستتابة؛ لأن الفاء ليست للتعقيب.
٢ - لو قال: " إن دخلت هذه الدار فدخلت هذه الدار الأخرى
فأنت طالق "، فإنه يلزم على المذهب الأول: أنها لا تطلق حتى
تدخل الدار الأولى قبل الثانية، فلو عكست لم تطلق؛ لأن الفاء
للترتيب.