أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن صيغة الأمر ترد والمراد بها الأمر كقوله تعالى:
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) وترد والمراد بها الإباحة كقوله تعالى:
(وإذا حللتم فاصطادوا) وترد والمراد بها التهديد كقوله تعالى:
(اعملوا ما شئتم) وترد والمراد بها الهوان، كقوله تعالى: (اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ) وترد والمراد بها غير ذلك من معاني " افعل "، ولا
نميز الأمر من غير الأمر - مما تستعمل له صيغة افعل - إلا بالإرادة،
فدل على أنها تشترط.
جوابه:
أنا لا نُسَلِّمُ أن الأمر يتميز عما ليس بأمر بالإرادة، وإنما الحق: أن
الأمر يتميز عما ليس بأمر بالاستدعاء فقط، فإذا استدعى الآمر
وطلب الفعل سمي آمراً، سواء أراد وقوعه أو لم يرده.
فأما بقية الصيغ - وهي الإباحة، والتهديد والهوان وغير ذلك -
فلا يوجد فيه استدعاء، وعليه: فلا يكون أمراً.
الدليل الثاني: القياس، وبيانه:
أن قول القائل: " افعل كذا " هو نفسه قول القائل: " أريد منك
كذا "، ولا فرق بينهما عند العرب.
جوابه: لا نُسَلِّمُ ذلك، بل بين العبارتين فرق من وجهين:
الوجه الأول: إن قوله: " أريد " إخبار عن إرادته، وليس
باستدعاء، ولهذا يدخله التصديق والتكذيب.
أما قوله: " افعل كذا " استدعاء، ولهذا لا يدخله التصديق
والتكذيب.