للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفة لكلام، فمن ذهب إلى أن الكلام لفظي: قال: للأمر صيغة

وهي " افعل "، وهم أصحاب المذهب الأول، ومن ذهب إلى أن

الكلام نفسي قال: لا صيغة للأمر، ولا للنهي، ولا للعام، ولا

للخاص - وهم أصحاب المذهب الثاني - وهم الأشاعرة -.

فالأمر عند الأشاعرة: هو: اقتضاء الفعل بذلك المعنى القائم

بالنفس المجرد عن الصيغة.

والصحيح الذي لا يجوز غيره: أن كلام اللَّه هو الذي نقرؤه

بألفاظه ومعانيه، فالكلام كلام الباري، والصوت صوت القارئ دل

على ذلك أدلة كثيرة منها:

الدليل الأول: قوله تعالى: (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ) ،

فصرح - هنا - بأن الذي يسمعه ذلك المشرك المستجير هو: كلام الله

بألفاظه ومعانيه.

الدليل الثاني: قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١) .

فهنا: لم يكن ذلك المعنى القائم بالنفس الذي عبر عنه بالإشارة كلاما.

الدليل الثالث: قوله تعالى: (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) مع قوله:

(فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ) ، حيث أمر اللَّه تعالى مريم بالامتناع عن الكلام،

ولكن لما سألوها أن تبين لهم ذلك أشارت إليه، فلم يكن ذلك

المعنى القائم بنفسها الذي عبرت عنه بالإشارة كلاما.

الدليل الرابع: قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"إن اللَّه عفا لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم أو تعمل به "،

فبين - هنا - أن المسلم إذا حدث نفسه بشيء من الأمور السيئة كقتل فلان، أو سبه، فإنه معفو عنه