شرعاً، إذا لم يتكلم أو يفعل، فهنا لم يسم حديث النفس وما
يجول بالخاطر كلاماً.
الدليل الخامس: أن أهل اللغة واللسان قد أجمعوا على أن الكلام
ينقسم إلى " اسم "، و " فعل "، و " حرف "، وكل واحد من هذه
الأقسام تسمى كلمة، فالاسم: كلمة ينطق بها اللسان غير مقترنة
بزمان، وهي تفيد كزيد، والفعل: كلمة ينطق بها اللسان مقترنة
بزمان كقام، والحرف: كلمة ينطق بها اللسان لا تدل إلا مع غيرها
مثل: "إلى".
الدليل السادس: أن العقلاء - على اختلاف طبقاتهم - قد
تعارفوا على تسمية الذي ينطق بلسانه: أنه متكلم، وتعارفوا
- أيضاً - على تسمية من لم يتكلم: أنه ساكت، أو أخرس،
فقولكم - أيها الأشاعرة -: " إن الكلام معنى قائم بالنفس "
خالفتم ذلك، وسميتم الساكت أو الأخرس بأنه متكلم.
الدليل السابع: أن الفقهاء قد أجمعوا: أن المسلم لو حلف أن لا
يتكلم، ثم حدَّث نفسه بأشياء، ولم ينطق بلسانه فإنه لا يحنث،
ولو نطق بلسانه لحنث، ووجبت الكفارة.
الدليل الثامن: أن الكلام لو كان معنى قائما في النفس - كما
يقول الأشاعرة - للزم من ذلك التكرار الذي لا فائدة فيه في قوله
تعالى: (ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله) ، لأن - على
زعمكم - عبارة: " يقولون " تدل على ما في النفس، فيكون
قوله: (في أنفسهم) تكراراً لا فائدة فيه، وهذا باطل، لأنه لا
يوجد أي حرف في القرآن لا فائدة فيه، فإن قوله: (في أنفسهم)