مطلقا، والمخالف هنا قد توعد بالعقاب؛ لأنه خالف أمر اللَّه وأمر
رسوله وترك امتثاله، فيكون الأمر المطلق يقتضي الوجوب، فلو كان
الأمر المطلق لا يقتضي الوجوب - بأن يقتضي الندب أو الإباحة أو
التوقف - لما حذر الشارع من مخالفته.
الدليل الثالث: قوله تعالى: (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ويل يومئذ للمكذبين) .
وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى قد ذمَّهم على تركهم فعل ما قيل لهم
افعلوه، وهذا يدل على أن الأمر المطلق يقتضي الوجوب، لأنه هو
الذي يذم على تركه، فلو كان الأمر يقتضي الندب لما ذمهم على
ترك المأمور به، كما لا يذم من رخص له في الترك.
الدليل الرابع: قوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)
وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أخبر أنه إذا قضى أمراً لم يكن لأحد
أن يتخير فيه، وجعل عصيانه ضلالاً، وإذا كانت مخالفة الأمر
عصياناً وضلالاً، فإن ذلك يقتضي وجوب امتثال الأمر، لئلا
يعصي، فثبت أن الأمر المطلق يقتضي الوجوب؛ لأنه لو لم يكن
للوجوب لما جعل مخالفته عصياناً وضلالاً.
الاعتراض على هذا الاستدلال:
قال المعترض فيه: إنما ورد هذا في القضاء، والقضاء هو:
الإلزام، والإلزام واجب، ولذلك جعل مخالفه عاصياً وضالاً، لا
أنه قد جعل مخالف الأمر الصريح عاصياً.