قال المعترض: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يلمه، ولكنه أراد أن يُبين له أنه لا تقبح الاستجابة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو في الصلاة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يخالف غيره في ذلك.
جوابه:
لا نسلم ذلك؛ لأن الظاهر من هذه القصة وقوله - صلى الله عليه وسلم - يقتضي لزوم الإجابة، وهو في معنى الإخبار عن نفي العذر، وهذا يدل
على أن الأمر للوجوب.
الدليل السادس: قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ".
وجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل المشقة من لوازم الأمر، وإنما تكون المشقة لازماً للأمر إذا كان للوجوب.
أي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جعل المشقة من لوازم الأمر: نفي الأمر الذي فيه مشقة وهو: أمر الوجوب؛ لأنه يعاقب ويذم على تركه،
وأثبت الأمر الذي ليس فيه مشقة وهو: أمر الندب؛ لأنه لا يذم ولا
يعاقب على تركه.
الدليل السابع: أن بريرة قد أعتقتها عائشة - رضي اللَّه عنهما -
فخيرها رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بين مفارقة زوجها وعدم ذلك، فاختارت فراقه، وكان زوجها - وهو مغيث - يحبها، وكان يمشي خلفها في الأسواق وهو يبكي، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك: ذهب إلى بريرة فقال لها: " لو راجعتيه فإنه أبو أولادك "،