أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: قوله تعالى: (قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) .
وجه الدلالة: أنه لو كان المتكلم داخلاً في عموم كلامه، لكان
هذا الكلام من اللَّه مقتضيا دخوله سبحانه وتعالى ودخول صفاته،
وهو باطل.
جوابه:
أنا لو نظرنا نظرة لغوية مجردة لاقتضى ذلك العموم، ولكن
القرينة قد خصصت المتكلم والمخاطِب - وهو اللَّه عَزَّ وجَلَّ -
والقرينة هنا هي العقل.
الدليل الثاني: أن السيد لو قال لعبده: " من دخل داري فأعطه
درهماً "، فلو كان المتكلم داخلاً في عموم خطابه وكلامه: لكان
هذا القول يقتضي دخول السيد في هذا الخطاب، فيكون العبد
مأموراً بإعطاء السيد إذا دخل؛ لأنه يوصف بأنه داخل، ومع ذلك
فإن السيد لو دخل لا يحسن من العبد أن يعطيه درهماً، وذلك في
نظر العقلاء، ويجعل ذلك مستقبحاً منه؛ حيث إن العبد لو أعطى
السيد فكأن السيد قد أعطى نفسه؛ لأن العبد يأخذ الدراهم من
سيده، وهذا لا يسمى عطاء، فدل ذلك على أن السيد ليس داخلاً
في عموم كلامه وخطابه.
جوابه:
نفس الجواب عن الدليل السابق، فنقول: إنا لو نظرنا إلى قول
السيد لعبده نظرة لغوية مجردة لوجدنا أن اللفظ عام، ولكنه
مخصص بالقرينة، وهي: العقل؛ حيث إن السيد لا يُعطى؛ لأن
العقل منع أن يعطي الإنسان نفسه.