المذهب الثالث: الفرق بين الأمر وغيره، بيانه:
إذا كان المتكلم والمخاطب آمراً، فإنه لا يدخل في عموم كلامه
وخطابه.
وإن كان المتكلم والمخاطب غير آمر، فإنه يدخل في عموم كلامه
وخطابه.
وهو مذهب أبي الخطاب الحنبلي، وأبي الحسين البصري.
أدلة هذا المذهب:
أما الدليل على أن غير الآمر يدخل في عموم كلامه وخطابه،
فهو دليل المذهب الأول.
أما الدليل على أن المتكلم والمخاطب لا يدخل في عموم كلامه
وخطابه إذا كان آمراً، فهو يتكون من وجهين:
الوجه الأول: أن المقصود والغرض من الآمر: أن يمتثل المأمور به
ويفعل، ولهذا يقول الممتثل للأمر: " أطعت وامتثلت وفعلت "،
وهذا لا يكون إلا من الغير.
الوجه الثاني: أن الأمر هو: استدعاء الفعل بالقول ممن هو
دونه، والإنسان لا يتصور أن يكون دون نفسه، بل هو على نمط
واحد ليس بعضه أدون من بعض، فلذلك لا توجد حقيقة الأمر هنا،
فلم يجز أن يأمر العاقل نفسه.
وبناء على هذين الوجهين: لا يدخل الآمر بالخطاب العام ضمن
خطابه.
جوابه:
أن المتكلم والمخاطب يدخل تحت عموم خطابه وكلامه سواء كان
آمراً أو غير آمر.