والآمر في الوجهين اللذين ذكرهما أصحاب المذهب الثالث قد
خرج من العموم بسبب القرينة، وهي: أن العاقل لا يأمر نفسه في
الوجه الأول، ولا يطلب الامتثال من نفسه في الوجه الثاني.
إذن: الآمر يدخل تحت عموم أمره، إلا أن القرينة قد خصصته
وأخر جته، لما ذكرناه.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي؛ حيث إن مقصد أصحاب المذهب الأول: أن
الأصل أن المتكلم - مطلقاً - يدخل في عموم كلامه ولا يخرج إلا
بقرينة.
أما أصحاب المذهب الثاني: فإن الأصل عندهم: أن المتكلم
- مطلقا - لا يدخل في عموم كلامه، ولا يدخل إلا بقرينة.
أما أصحاب المذهب الثالث، فقد فرقوا بين الآمر، وغيره،
فالأصل في الآمر أنه لا يدخل في عموم كلامه.
أما غير فالأصل أنه يدخل.
وقد تأثر بذلك بعض الفروع الفقهية التي منها:
١ - أنه لو قال المسلم: " نساء المسلمين طوالق "، فإن زوجته
تطلق؛ بناء على المذهب الأول؛ لأن المتكلم يدخل في عموم كلامه.
وكذلك تطلق بناء على المذهب الثالث؛ لأن الزوج ليس آمراً،
فيدخل في عموم كلامه.
وبناء على المذهب الثاني: فإن زوجته لا تطلق؛ لأنه لا يدخل
في عموم كلامه.
٢ - لو قال: " عندي لورثة أبي ألف ريال "، فإنه يدخل معهم