للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) ،

فإن لفظ " الناس " صيغة عموم - حيث إنها جمع معرف بـ " أل " -

فيدخل فيه كل الأفراد، ولكن العقل اقتضى بنظره عدم دخول الصبي

والمجنون بالتكليف بالحج؛ لعدم فهمهما، بل هما من جملة الذين

لا يخاطبون بخطاب التكليف.

ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: (الله خالق كل شيء) ، فإن

لفظ " كل " قد تناول بعمومه لغة كل شيء مع أن ذاته وصفاته أشياء

حقيقة، ومع ذلك فإنها لا تدخل في هذا العموم، وخرج ذلك

بدلالة ضرورة العقل من عموم اللفظ، وذلك مما لا خلاف فيه بين

العقلاء، ولا نعني بالتخصيص غير ذلك.

المذهب الثاني: أنه لا يجوز التخصيص بالعقل.

ذهب إلى ذلك طائفة من المتكلمين.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أن دليل العقل متقدم وسابق في الوجود على أدلة

السمع، والمخصِّص ينبغي أن يكون متأخراً عن المخصَّص، فلا

يصلح أن يكون العقل مخصصا للعموم وهو متقدم.

جوابه:

أن العقل يجب أن يكون متأخراً بالنظر إلى ذاته، أو بالنظر إلى

صفته، وهو كونه مبيناً ومخصصاً.

أما الأول - وهو: كون العقل متأخراً بالنظر إلى ذاته - فنحن

نسلم لكم أنه متقدم على النقل والسمع.

أما الثاني - وهو: كون العقل متأخراً بالنظر إلى صفته، وهو: