للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كونه مخصصا -: فلا نسلم أنه لا يتأخر، بل يكون متأخراً عن

النقل والسمع؛ لأن العقل وإن كان متقدما في ذاته على الخطاب

العام غير أنه لا يوصف قبل ذلك بكونه مخصصا لا لم يوجد، وإنما

يصير مخصصاً ومبيناً بعد وجود الخطاب، فيصير التخصيص من

صفاته.

وذلك لأن المخصص هو: الدليل المعرف لإرادة المتكلم بهذا

اللفظ، وأنه أراد هذا التكلم بهذا اللفظ العام معنى خاصا، والعقل

يدل على ذلك بعد وجود الخطاب العام وإن كان متقدما في ذاته على

ذلك الخطاب.

الدليل الثاني: أن حقيقة التخصيص هي: إخراج بعض ما تناوله

اللفظ عنه، ونحن نعلم بالضرورة أن المتكلم لا يريد بلفظه الدلالة

على ما هو مخالف لصريح العقل، فلا يكون لفظه دالًّا عليه لغة،

أي: لا يمكن تناول اللفظ لما يخالف صريح العقل، ومع عدم

الدلالة اللغوية على الصورة المخرجة لا يكون تخصيصاً.

فقوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت) نعلم منه ضرورة

بالعقل أن الصبي والمجنون لا يدخلان تحت لفظ " الناس " أصلاً،

فلا يكون متناولاً لهما لغة؛ لأنه لا يمكن أن يتناول البفظ لما يخالف

صريح العقل، فلا يكون هذا اللفظ عاما أصلاً للصبي والمجنون،

وبالتالي: لا يكون العقل مخصصا لهما.

جوابه:

لا نسلم ذلك، بل يدخل غير المعقول، والمخالف لصريح العقل

تحت اللفظ من حيث اللسان والوضع.