بيان نوع هذا الخلاف:
القد اختلف في ذلك على قولين:
القول الأول: إن الخلاف معنوي، وهو الحق؛ وذلك لأنه أثر
في مسألة من مسائل أصول الفقه وهي: " العام بعد التخصيص هل
هو حقيقة في الباقي، أو يكون مجازاً؛ " - وقد سبقت في المبحث
الأول -.
فبناء على المذهب الأول: فإن تخصيص العموم بدليل العقل
يجري فيه الخلاف السابق في تلك المسألة هل هو حقيقة في الباقي،
أو مجاز.
وبناء على المذهب الثاني - وهو: عدم جواز التخصيص بالعقل -
فإن العام المخصوص بالعقل حقيقة بلا خلاف؛ لأن العقل لا
يخصص أصلاً، فيبقى اللفظ على ما هو عليه حقيقة.
القول الثاني: إن الخلاف لفظي، واختاره بعض العلماء -
كالباقلاني، وإمام الحرمين، والغزالي، وإلكيا الهراسي،
والقرافي، والتاج ابن السبكي، والإمام الرازي، وغيرهم -،
ودليلهم: أن المعنى قد اتفق أصحاب المذهبين عليه.
ولكن اختلف في تسميته تخصيصا.
جوابه:
أنه يفهم من أدلة أصحاب المذهب الثاني: أن الأفراد المخصوصين
بالعقل لم يدخلوا في اللفظ العام أصلاً، فعلى مذهبهم: لا يوجد
شيء يخصص بالعقل، فإذا لم يتناول اللفظ العام هؤلاء المخرجين