كان البعض منهم يخصص العام من الكتاب والسُّنَّة المتواترة بخبر
الواحد، ولا ينكر عليه الاَخرون، فكان ذلك إجماعا على ذلك.
ومن أمثلة ذلك: أنهم خصصوا قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم)
بما روى أبو بكر - رضي اللَّه عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة "،
وبقوله: " لا يتوارث أهل ملتين مختلفتين "،
وهما خبران من أخبار الآحاد.
ومنها: أنهم خصصوا قوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم)
بما روي عنه عليه السلام أنه قال: " لا تنكح المرأة على عمتها ولا
على خالتها ".
ومنها: أنهم خصصوا عموم قوله تعالى: (حتى تنكح زوجا غيره)
بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة رفاعة:
" لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ".
ومنها: أنهم خصصوا قوله تعالى: (وقاتلوا المشركين كافة)
بما روى عنه عليه السلام أنه قال في حق المجوس:
" سنوا بهم سُنَّة أهل الكتاب "، ونحو ذلك مما لا يحصى كثرة.
الدليل الثاني: أن العام من الكتاب والسُّنَّة المتواترة، والخاص
من خبر الواحد دليلان قد ثبتا، فإما أن نعمل بكل واحد منهما، أو
لا نعمل بكل واحد منهما، أو نعمل بالعام ونترك الخاص، أو نعمل
بالخاص وما بقي بعد التخصيص، والثلاثة الأولى باطلة، فيكون
الرابع هو الصحيح على ما فصلناه في الدليل الثاني من أدلة
تخصيص الكتاب بالكتاب.
المذهب الثاني: أنه لا يجوز تخصيص الكتاب والسُّنَّة المتواترة
بخبر الواحد مطلقة.