وهو مذهب بعض الفقهاء وبعض المتكلمين.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: إجماع الصحابة على رد خبر الواحد إذا خالف
الكتاب؛ حيث روي أن عمر - رضي اللَّه عنه - رد خبر فاطمة بنت
قيس فيما روته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين طلقها زوجها - لم يفرض لها النفقة ولا السكنى فقال - أي: عمر -: " لا ندع كتاب ربنا وسُنَّة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت، أنسيت أم ذكرت " ولم
ينكر عليه أحد من الصحابة، فكان إجماعا.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: لا نسلِّم حصول الإجماع الذي زعمتموه؛ لأن
عمر قال ذلك وسمعه بعض الصحابة الموجودين في المدينة، أما بقية
الصحابة وهم الذين خارج المدينة، فلم يسمعوا بهذا، فادعاء
الإجماع بعيد جداً.
الجواب الثاني: على فرض حصول الإجماع، فإن عمر - رضي
الله عنه - لم يرد خبرها لكونه خبر آحاد ولا يقوى على تخصيص
الكتاب، ولكنه ردَّ خبرها؛ لأنه شك في حفظها بدليل قوله: " لا
ْندري أنسيت أم ذكرت "، فلو لم يكن هذا هو سبب رده لخبرها لما
كان لهذه العبارة فائدة، ولا يمكن أن يأتي أي صحابي بعبارة لا فائدة
منها.
أي: يلزم لتحصيل فائدة هذه العبارة أن نجعلها هي سبب رده.
ولو قلنا بأن سبب ردِّه هو: كون خبر الواحد لا يخصص الكتاب
لما كان لهذه العبارة فائدة، وتكون عبثا، وهذا لا يجوز.